Welcome to the Rose Mansion - 2
[ إلى الآنسةِ راشيل هوارد.
لقد تلقيتُ خطابَ توصيةِ السيدة كورتيس، وشهادةَ مدرسة هارييت الداخلية الخاصة للبنات، والسيرة الذاتية التي أرسلتيها. نحن في برتراند سعداء بتوظيفِ شخصٍ كالأنسة هوارد.
إن تذكرة القطار والدفعة الأولى من المال مرفقةٌ لكِ. عند وصولكِ إلى سيلفستر، أرجوكِ توجهِ إلى مكتب تأجير العربات الموجود أمام المحطة وإخبريهم بوجهتكِ. سوف يوصلون الآنسة هوارد بأمان إلى قصر برتراند.
ومع ذلك، لا يمكنكِ دخول قصر برتراند بعد الساعة 6 مساءً، لذا يُرجى المبيت في نزلٍ قريبٍ ثم دخول القصر في الصباحِ التالي. إذا قمتِ بأعطائهم اسم برتراند في النزل، فسيتم الاهتمام بنفقاتكِ.
نحن سعداءٌ جدًا بالترحيب بمثل هذه الموهبةِ المتميزةِ. حسنًا، سأتطلع إلى اليوم الذي يمكننا أن نلتقي فيه.
كبير خدم قصر برتراند
فريدريك غرانت.]
***
كما هو الحالُ دائماً، كان يوماً غائماً.
كان الربيعُ يقتربُ، لكن الريحَ التي خدشتْ وجنتي كانت لا تزالُ باردةً.
حركت ريشيل هوارد كتفيها وهي ترتجف من البرد الذي تسربَ إلى عظامها.
كان المعطفُ الذي اشترتهُ في بدايةِ الشتاء يبدو جيدًا ظاهرياً، ولكن كما يتضحُ من انخفاض سعره، كان عزله الحراريُ سيئًا.
‘ومع ذلك، من الجيد أنني وفرتُ المالَ بشراءِ المعطف الرخيص.بفضل الميزانية، كان لدينا الكثير من المال لإنفاقه على الطعام هذا الشتاء.’
صرّت راشيل على أسنانها و مدت ذراعيها.
وقع الارتباك على وجه ريشيل وهي تتذكر ما حصلَ في الصباح.
اليوم وصلت رسالةٌ فخمةٌ جداً الى منزلها. لقد كانت رسالةً من عائلة أوتيس تفيد أنهم يريدون تعيينها كمعلمة.
قالت السيدة كورتيس، معلمة ريشيل والتي أوصت بها لعائلة أوتيس، إن هذه كانت فرصة لا مثيل لها. إذا تمكن من التعرف على عائلة أوتيس، التي يُقال إنها الأكثر ثراءً في المملكة، فلن تتمكن من الحصول على منصب معلمة بدوامٍ كاملٍ في المدرسة فحسب، بل أيضًا على زواجٍ عظيم.
بالإضافة إلى ذلك، عرضت عائلة أوتيس دفعةً أولى كبيرة وراتبًا. وسيكون هذا المبلغ كافياً لسداد جميع ديونها المتبقية.
لكن راشيل لم تستطع الإجابة بسهولة. أفضل ما تمكنت من فعله هو ترك المدرسة في وقت أبكر من المعتاد، قائلة إنها ستفكر في الأمر أكثر قليلاً.
‘ماذا ستفعل أمي عندما أغادر؟’
استغرق الوصول إلى سيلفستر، حيث يقع قصر برتراند ، يومًا ونصف بالقطار من دمبلين، حيث تعيش. وهذا يعني أنه كان عليها أن تكون بعيدةً عن والدتها طوال الوقت الذي عملت فيه كمعلمة.
توفي أبي وفقدت الاتصال بوالديها لفترةٍ طويلة. الآن والدتي لديها أنا فقط. هل سيكون الأمر بخير إذا رحلتُ أيضاً؟
نظرت راشيل إلى السماء. كانت غائمة، كما لو كانت على وشك أن تمطر في أيِّ لحظةٍ، لقد كانت مثل قلبها.
‘لا، لا أستطيع المغادرة أيضًا.’
سيكون من الأفضل الرفض.اتخذت راشيل قرارًا واحتضنت الكيس الورقي الثقيل.
كانَ لحمُ البقرِ الطازج الذي اشتريته بعدَ بعضِ المداولاتِ يدفأ قلبي.
سأكل شيئًا لذيذًا على العشاء و أنام جيدًا و أتخلص من التفكير السلبي!
و صدقاً، كان الأمرُ مخيباً للآمالِ، لكن كلُ شيءٍ كانَ على ما يرام. كان يمكنها سداد ديونها خطوةً بخطوة عن طريق زيادة حجم العمل المستحق عليها.
لقد كان التحمل والمثابرة دائمًا هو تخصص راشيل.
أصبح المشي في الشوارع الرمادية، التي لا يمكن القول بأنها منظمة، أخفَ وزناً.
وبحلول الوقت الذي ظهر فيه البيت البني المألوف والثمين من بعيد، لم أعد أستطيع الشعور بوزن حقيبة الأمتعة الكبيرة في يدي اليمنى.
على بعد حوالي 40 دقيقة بالسيارة من شارع دمبلين الرئيسي. كان يقع منزل راشيل، الذي يتعين عليكَ المشي لمدة 20 دقيقة تقريبًا للوصول إليه و هو أقدمُ منزلٍ في المنطقة.
حتى ضوء الشمس لم يكن يصل إليه بشكلٍ صحيح، لذلك كان لا بد من أشعال الشموع الرخيصة ذات الرائحة الكريهة حتى في منتصف النهار.
بالطبع، سيكون الأمر أكثر راحة إذا تم استخدام مصباح زيت، لكن لم يكن من الممكن فعلُ هذا لأنه سيكون عبئًا كبيرًا على ميزانية الأسرة.
ومع ذلك، أحبت راشيل منزلها. علقت والدتها قائلةً دائماً إنه كان “أفظع منزلٍ في العالم”، ولكن إذا نظرت عن كثب، ستجد أنه يتمتع بقدرٍ كبيرٍ من السحر، وقبل كل شيء، كان منزلًا أشترتهُ بالكامل بجهودها الخاصة.
‘لكن من الصعب الذهاب إلى العمل من المنزلِ كل يوم، لذلك يجب أن أبقى في مسكن المعلمين خلال أيام الأسبوع…’
ومع ذلك، كيف يمكن أن لا أحبه؟ إنه منزلٌ لعائلتي حيث لا يمكن لأحد أن يتدخل فيه.
قامت بمسح السياج الخشبي الذي صبغته بنفسها باللون الأبيض بيديها بلطف. و حينها سمعت صريرَ مفاصل البوابة.
“لا بد أنه صدأ.أحتاج إلى تزييته.”
كانت قائمةُ الأشياءِ التي يجب القيام بها في هذه العطلة مرتبةً بدقةٍ في رأسي.
ثم لاحظت فجأة عدةَ رسائلٍ عالقة في الباب الأمامي.
اعتاد ساعي البريد المسؤول عن هذه المنطقة أن يترك رسائل عند الباب الأمامي هكذا عندما لا يكون هناكَ أحدٌ.
وضعت راشيل أمتعتها على الأرض وأخرجت البريد ببطء.
كان البريد الذي وصلها متشابهًا بشكل عام. كان تذكيراً بالديون أو الفواتير. أو الرسائلَ التي يرسلها المعارفُ أحيانًا.
إذا حكمت من خلال لون الظرف، يبدو أنها قد فازت بفاتورةٍ اليوم.
راشيل، التي كانت تعد المظاريف بهدوء، فتحت عينيها.
لسبب ما، كان عدد الفواتير أقل بكثير من الأسبوع الماضي.
هل بدأت والدتي بإلاستماع إلي و بدأت بتوفير المال؟
كانت عيونها الخضراء المليئةُ بزرقةِ منتصف الصيف تتألق بالترقب والفرح.
ومع ذلك، في اللحظة التي قرأت فيها الرسالة الأخيرة،
أصبحَ وجهُها أكثرَ برودةً من رياحِ الشتاء.
“.…..”
تم إرسال الرسالة الأخيرة من قريبٍ بعيد، السيد ترولوب.
عبثت راشيل بزاويةِ الظرفِ لبعض الوقت، لكنها في النهاية تمالكت نفسها وفتحت الظرف على الفور.
وبعدَ مقدمةٍ طويلةٍ وغير مجدية، أصبحَ مضمون الرسالة بسيطاً.
[ما هو مقدار المال الذي يمكنكِ كسبه من خلال كونكِ معلمةً بديلة؟ أنتِ لستِ حتى معلمةً بدوامٍ كامل و لقد سمعتُ أن ديونكِ تتزايد حتى الآن، اتخذي القرار الصحيح وتعالي إلي. لن ألغي فقط الدين الذي تدينين به لي، بل سأسددُ أيضًا جميع ديونكِ الأخرى. سيكون من الأفضل التفكير في الأمر بعناية. هل تعتقدين أنه ستكون هناك فرصة أخرى مثل هذه؟]
رجلٌ وقح.
كانت اليد التي تحمل الرسالة ترتجفُ من الغضب و الاستياءِ و العجز.
بعد وفاة والد راشيل المُحِب، أوسكار هوارد، انتقلت ثروةُ عائلة هوارد المتبقية وقصرهم إلى أيدي توماس ترولوب.
وذلك لأن أوسكار لم يكن لديه ولدٌ ليواصل أسم العائلة.
لكن هذا لم يكن كافياً، فهو الآن يريد الحصول علي راشيل.
‘إنهُ رجلٌ عجوزٌ تجاوزَ الخمسين من عمره و لديه ولدانِ أكبرُ مني حتى.’
قامت راشيل بتجعيد الرسالة ووضعها في جيب معطفها. وفجأةً وقفت أمام المنزل.
منزلٌ صغيرٌ من الطوبِ، بني اللون، تمت إدارته بمجهودٍ كبير، لكن لا يمكن إخفاء مظهره المتهالك.
“……”
العيون الخضراء التي كانت تتألقُ منذ فترة فقدت بريقها عند التفكير في الماضي.
ذاتَ يوم كانت ترتدي معطفًا دافئًا مصنوعًا من أجود أنواع الفراء و كان هناك وقتٌ كانت تتسكع فيه أمام المدفأة الدافئة، غيرَ مدركةٍ تمامًا لبرد الشتاء.
من المؤكد أن راشيل قضت وقتًا كان يمكنها فيه رسم لوحاتها المفضلة في غرفةٍ مشمسة، والعزف على البيانو، وتناول أطباقِ اللحوم التي أعدها طاهٍ موهوب مع النبيذ الجيد في المساء.
‘لو كانَ أبي على قيدِ الحياة، لما تجرأ شخصٌ مثل توماس ترولوب على الاقتراب مني….’
نعم لو كانَ أبي على قيد الحياة.
لو كان فقط على قيد الحياة……
‘لااا، ما فائدةُ هذه الأفكار؟’
هزت راشيل رأسها و أظهرت ابتسامةً كاللوحة المزخرفة على وجهٍ يشبهُ رفَ الكتبِ الباهت. فتحت البابَ الأمامي بقوة.
“أنا هنا!”
دوى صوتُ راشيل في المنزل المظلم.
انتظرت راشيل للحظة ثم اتخذت خطواتها المعتادة.
ستكون آنا، الخادمة الوحيدة، مشغولة بالتنظيف وغسل الملابس، وستكون المربية جوان في المطبخ.
أما والدتها.…..سوف تكون في غرفتها كما هو الحال دائماً.
كانت غرفة والدتها هي المكان الوحيد في منزلِ راشيل الفقير الصغير حيث يتم إبقاء مصباح الزيت مضاءً.
إنه مكانٌ يشع دائمًا بالضوء الساطع والدفئ. المكانُ الأكثرُ تألقًا وإسرافًا، وهو مرتبطٌ بعمق بالجشع والكآبة.
كانت الغرفة جنة أمي الصغيرة.
كان هناك صوتُ صرير بسبب الأرضية الخشبية القديمة.
ضغطت راشيل على أصابع قدميها، و حاولت عدمَ اصدارِ صوت ، وسارت بهدوء نحو الغرفة.
كما هو متوقع، كانت الأصوات العصبية تأتي من الغرفة ذات الإضاءة الساطعة.
“ألم تحصلي على شيءٍ حقًا يا جوان؟ ولا حتى رسالةً واحدة؟”
لقد كان صوتُ والدتها
توقفت راشيل في مكانها وأمالت رأسها. ماذا كانت تنتظر؟
بعد ذلك جاءت إجابة المربية جوان.
“هل ترغبين أن أتحقق مرةً أخرى يا سيدتي؟”
“لا بأس! انهم اوغاد.الجميع يتجاهلني. كل هذا بسبب هذا الفستان الرتيب،من سيرتدي فستانًا أخضر مثيراً للاشمئزاز في مثل هذا هذه الأيام؟”
“أوه سيدتي.لكنه فستانٌ جديد تمت خياطته منذ شهرين فقط.”
“جوان، هل تقولين ذلك حقًا لأنكِ لا تفهمين؟ الفساتين في الحفلة تتغير في الحفلة التي تليها هذا ما يسمى الموضة الاجتماعية.”
حسناً لقد فهمت…كان الأمر يتعلق بالدعوات إلى المناسبات الاجتماعية.
بدلاً من دخول الغرفة، انحنت راشيل على الحائط المجاور للباب.
وذلك لأنها أحست أنه في اللحظة التي ستدخل فيها سيكون هناكَ جدالٌ آخر.
وبينما كانت تحبس أنفاسها، استمرت المحادثة بين السيدة هوارد وجوان.
“حتى السيدة أليسون تتجاهلني! إنها مجردُ إمرأةٍ ثرية دخلت للتو المجتمع الراقي ولا تؤمن إلا بالمال والتباهي. لا أستطيع تحمل ذلك أنا أحتاجُ إلى فستانٍ جديد. يجبُ أن يكونَ باللونِ الأرجواني الفاتح الفاخر الذي يحظى بشعبيةٍ هذه الأيام.”
“لكن يا سيدتي لقد نفدت الأموال التي أرسلها لكِ الفيكونت أوليفانت بالفعل.”
“ن-نفذت؟…… حسناً، راشيل سوف تعتني بالمال.ألا تستطيع أن تطلبَ ثوباً لأمها التي تعاني بسبب جشعها؟”
“لكن سيدتي. ألن يكون ذلك عبئاً كبيراً على الآنسة راشيل؟… هي لم تتمكن حتى من الراحة بشكل صحيح هذه الأيام.”
“من قال لها أن تخرج وتكسب المال بنفسها؟ بالنسبةِ لسيدة فإن هذا مبتذلٌ جداً. ألا ترين يا جوان؟ ، إنها الشخص الذي يستمرُ بعنادٍ حتى النهاية، كان سيتم حلُ كلِ شيءٍ إذا تزوجت من عائلةٍ ثرية.”
“إذاً ألا يمكنكِ على الأقل أن تعطيها صندوق الائتمان الخاص بكِ؟يجب على المرأة أن يكون لها مهرٌ كبير حتى ترتبطَ بأسرةٍ جيدة. هناكَ أيضاً الأموال التي يرسلها الفيكونت أوليفانت بانتظام، لذا فإن أخفاء صندوق الائتمان……”
“ما يعني ذلك كله؟”
يُتبع….
تَرجمـة : لينـا